لو أن هناك علاقة أبدية تربط بينى وبين جسدى .. فستكون ذروة تلك العلاقة لحظة شعورى بمن أزرعهم تحته

تقف ابنة خالتى أمام المرآة معى أثناء تصفيفى لشعرى وتتحسس بشرتها متأففة من بعض البثور التى تشوب جمالها وتشوه جسدها .. أما أنا فبعد أن أنتبه لما أوحت لى به ألمس كتفى فجأة وأتحسس بشرتى كتربة موقوتة ؛ قبل أن أحضن جسدى وأفكر ..
"كم من الناس دسستهم تحت جلدى وزرعتهم فى أوردتى طوال حياتى"

كم من الناس الذين يسكنون قلبى الصغير هذا .. يضخهم يوميًا فى دمى وعروقى عبر دورته ليكفيهم هذا الجلد الهش كغطاء يمكن أن يقيهم أى شىء كان !
انه حتى يعجز عن أن يقينى لسعات البرودة التى لا تتحملها هشاشته فكيف يغطى كل خيط يربطنى بهم وخلية تضمنى معهم ليمنحها الحرارة والحياة
"ليتهم يطفون خارجى كتلك البثور التى لديها .. ربما هكذا تحرروا وحررونى أسرع"

ماذا كان سيحدث لو أن من نحبهم حقًا يمكن أن يصبحوا بثورًا تطفو على جلدنا !
وما نصيب فتاة مثلى "لا تعرف البثور طريقًا لجسدها كله وتفضل ازعاج صفحة وجهها من حين لآخر" من أمر كهذا ؛ كيف سأتحايل على وجهى كما تفعل الفتيات بأجسادهن حين يسدلن الأثواب عليها !

لا أريد أن يصبح من أحبهم بثورًا وجهى .. لا أريد أن أصبح مفضوحة العاطفة هكذا !
وجهى الذى ظلت علاقتى به طيبة الى حد ما طوال حياتى ولم يعلن عنى كثيرًا .. لا أريد منه أن يفضحنى بلحظة ينفجر فيها شعورى بأحدهم داخلى ويطفو ملتهبًا بوجهى

اه يا فيروز !
لو كانت كل لحظة مؤلمة ومربكة صنعها بداخلنا شخص نحبه تلتهب وتطفو على وجوهنا .. لهرب الناس من دمامة بعضهم البعض فى كل زاوية ودرب منذ زمن بعيد
ولأتيتِ الى العالم بين يدى أمٍ بلا وجه يمكنكِ التعرف عليه لتألفيه وتحبيه .. وجهها الذى لم يبق منه الحب شيئًا ؛ كلما تغذت عليه لحظات الفقد والخوف والألم والدهشة والحنين والخذلان الى آخرها !

الجسد ستار من النعمة الالهية حولك يا فيروز .. لا تهمليه
انه سياج سحرك .. وضعفك معًا
لا تتخلى عن جسدك .. كى لا يتخلى أبدًا عنكِ